التقاليد و الثقافة المادية


المعارف و التقاليد 
المعارف هي التقنيات و السبل و الطرق العملية التي ابتدعها الانسان و يطورها لحل المشاكل التي تعترضه في حياته أو لاشباع حاجياته الأساسية اعتمادا على تجاربه المتواصلة و المتراكمة  و معرفته المكتسبة و المورثة في ميادين شتى كالطب و الزراعة و البناء .. فالطب التقليدية  ، وهو غير الشعوذة يستمدّ وصفاته من النباتات و الأعشاب وق أثبتت التجربة نجاعة الكثير من مستحضراته ممّا جعل الطب الحديث يستنجد به و ينحو نحوه ، و بلغ الفلاّحون من جهتهم درجة قصوى في معرفة فصائل النباتات و مختلف أساليب الزراعة ، و فصول الغراسة ، و لهم  في ذلك روزنامة مضبوطة تفوق أحيانا في دقتها ما يُدرس في المعاهد المختصّة . أمّا في قطاع البناء و السكن فالتناغم مع الطبيعة و الاندماج في المجال و كذلك ملائمة الشكل للوظيفة هي أساس التصورات و التصاميم ، فالبناؤون هم في الوقت نفسه المصممون للمساكن و أشكال العمارة وهم المكيّفون بها حسب المعطيات ه المناخية ووفق أنماط عيش الإنسان مستعملين في ذلك مواد مستخرجة من المحيط و ملائمة له.


الثقافة المادية و الفنون الحرفية
الثقافة المادية  هي كل الممارسات اليدوية و الإنتاج التقليدي الملموس و المتجذّر في ثقافة المجموعة ، و تسمى صناعات تقليدية إذا أخذنا بالاعتبار البُعديْن الجمال و الاقتصادي لهذا الإنتاج و أيضا فنونا حرفية  حينما نركز على الأساليب و الطرق الفنية التي تستخدم في تلك الصناعة ، لكنّ مصطلح الثقافة المادية أشمل و أوسع ، ومن خصائص هذه المنتوجات تعدّد وظائفه فخلافا للمنتجات الصناعية العصرية فإنّها تقوم في الوقت نفسه بوظائف أساسية كالوظيفة النفعية و الوظيفة الجمالية  أو الاجتماعية ، و تصنّف عناصر الثقافة المادية اعتمادا على معيارين اثنين : الوّل هو طبيعة المادة الخام و تقنيات الصنع و الثاني الوظيفة التي يؤدّيها الشيء في نظاق  تلبية حاجيات الإنسان ، و هذا ما يعطينا ثلاثة أبواب يكون فيها الباب الثالث مزدوجا  ، و يضم الباب الأوّل  الصناعات التقليدية ، و أهمّها المنسوجات و الخزفيات و النحاسيات و المنتجات الخشبية و الزجاجية و المعدنية و غيرها ،و يحتوي الباب الثاني على الملبس والمسكن و المأكل ووسائل النقل و غيرها .. بينما يقتصر الباب الثالث على الأدوات الحرفية كالمخرطة و المنسج و دولاب الخوّاف و كذلك الآلات كآلات الزراعة  و البناء مثلا. وطل هذه العناصر قابلة لتصنيف فرعي ، فعلى سبيل المثال يمكن تقسيم الخزف إلى خوف مخروط و خزف مشكّل ، و الملابس إلى ملابس الاشتمال ( المرط )  و الملابس المفصّلة و المخيطة ( الجلباب ) و كذلك المساكن إلى مساكن قارة و مساكن متنقلة أو مساكن ريفية و أخرى حضرية.


الفنون الصوتية و الركحية
 و تعني الموسيقى و الغناء و الرقص و الألعاب و غيرها .. فرّقوا بين الحضري و الريفي و المقدّس و المدنّس .. و في هذا السياق رتّبوا الموروث الموسيقي بين الأجناس و الأشكال المعروفة محليّا بالاعتماد على إلايقاعات  و المقامات و الوزن العروضي للكلمات الملحّنة ، و تنقسم الموسيقى التقليدية في تونس إلى موسيقى بدوية و أخرى حضرية و الأولى هي عبارة عن مجموعة من الأصوات التي تنتمي إلى مختلف القبائل و التي عمّرت البلاد منذ زحف الهلاليين و سليم في النصف الثاني من القرن الخامس هجري ومن تلك الأصوات يمكن ذكر الصوت العقوبي من أولاد يعقوب من إقليم نفزاوة و الصوت دبّابي نسبة إلى أولاد دبّاب من تطاوين و الصوت الصالحي نسبة إلى أحد فرسان قبيلة المثاليث التي امتدّت من مدينة صفاقس شرقا و شمالا.
أمّا الموسيقى الحضرية فتتفرع بدورها إلى فروع عدّة منها المالوف المستلهم من التراث الأندلسي وهو مجموعة من التواشيح و الأزجال ذات تلاحين خاصة تسمّى " نوبة " و عدد النوبات ثلاثة عشر نوبة لحّنت في مقامات ( طبوع ) مضبوطة على إيقاعات معلومة .و إلى جانب المالوف توجد أغاني شعبية أخرى تنتمي إلى ما يعرف بالزندالي لارتباطه بالسجون ( الزندالة ) .


المراجع : مقتطفات من كتاب " مقولات في التراث الشعبي " كتبها الناصر البقلوطي