عم فرج


صياغة و رواية الحكواتي : بلقاسم بلحاج علي  : جميع الحقوق محفوظة للكاتب
تسجيل صوتي : فريق تراثي التونسي

 

يا سادة يا مادة يدلنا و يدلكم للخير و العبادة, و اللي يحب سيدنا النبي يصلي عليه بزيادة ... يا مولى الليم و الليمون و الخبز والزيت و الزيتون, سلفني شوي من ليمك و ليمونك و خبزك و زيتك وزيتونك, وكي يحن علي المولى كريم وفضله واسع نرجَعلك ليمك و ليمونك و خبزك وزيتك و زيتونك و وقتها عاد لا تبقى تسالني لا ليم و لا ليمون و لا خبز ولا زيت و لا زيتون نحكو ليوم يا سادة يا مادة على حكاية " عمك فرج " يحكو على راجل ما يحملش العوج, أسمه عمك فرج. عمك فرج فلاح يعيش في بلاد فقيرة في منطقةفقيرةمن جهة فقيرة و ربي يفتح علينا بخيره كيفه كيف أهل بلاده, جيرانه وأحبابه...مليم ما يكسابه... الكلهم أهل بير سيدي غاديكينا ...عايشين عالخبز و السردينة و الا عالسالاكينا السالاكينا يا جماعة هي أكلة شعبية يتميزوا بيها أهل بير سيدي غاديكينا و هي عبارة على مرقة تتطيب بنبتة السلاء , نبتة ما تطلع كان في هاك القرية ...نهارمن النهارات و الجماعة تحرث في أراضيها الي ما تنبت كان هاك النبتة الرخيصة و اللي تتباع باخ-تف في أسواق المدن القريبة , ايجيهم راجل متهمم لابس مرايات يسأل عالعلة و بنت العلة في ما يخص اكلة السلاكينا ونبتة السلاء... في حكارات السالاكينة في كيفاش يطيبوها ... في كيفاش يزرعواالسلاء..في كيفاش يعتنوا بالسلاء وربي يبعد علينا البلاء ...قالوله امالي لبلاد : أشكونك يا سيد ؟ أشنوة طالب ؟ قاللهم ...تهنوا, ما تلقو مني كان كل الخير و أسمعوا الراديون غدوة نصف النهار تو تفهموا كل شي....من غدوة, تلموا أهل بير سيدي غاديكينا في حانوت عمك الطاهر ,على خاطرهو الوحيد اللي يكسب رديون في هاك البلاد, و قعدوا يتصنتوا و قلوبهم فوق ايديهم مفجوعين .. اش تطلع الحكاية ؟ يجي الدكتور حكيم و يقول للسادة المستمعين الي اللحومات و الجبونات مش حاجة لازمة و ممكن تضرَ البدن و اللَي انَجموا نعوضوهم بأكلات شعبية من تراثنا كيف شكشوكة القرع و الا السالاكينة و يبدى الدكتور يشكر و يمجَد في السالاكينة و منافعها ضحكوا أهل البلاد و تمنَو كان يرجع هاك البو مرايات باش يسلموله في كل ما يكسبو من سلاء و يبدلهولهم بطريَف لحم...هيا يا سيدي, أيامات اخرين جاء نهار سوق. لموا رجال بير سيدي غاديكينا بعضهم و مشو ينصبوا في المدينة بالسلاء و اذا بالسلاء اتطير طيران : أعطيني ربطة, أعطيني زوز ... اعطيني خمسة ... السلعة وفات في رمشة عين ....روحوا الجماعة زاطلين و شايخين فليساتهم في جيوبهم و مشو طول لحانوت عمك الطاهر, هات مئة جرام تاي, هات رطل سكر, هات دبوزة قازوز و أمورهم في النوار... يزيد يطيحوا فالراديون على برنامج الدكتور حكيم يلقوه يحلف و يتكتف إلي نبتة السلاء باهية للركايب...ايامات اخرين ورجع هاك البو مرايات و شرى من عند الجماعة قيمة زوز كماين سلاء...يقولوا إللي السيد باعهم عشرة مرات قد سومهم وثمه من قال مئة مرة, المهم إللي أهل بير سيدي غاديكينة تفرهدت أمورهم بالمليح و العجلة دارت و حياتهم تبدلت...ولكن زادة كثرت مشاكلهم ...أول ما بدت المشاكل بدت بمشاكل الأراضي اللي قبل كانت مهملة وما عندهاش قيمة ... كانوا العايلات يعملوا قرعة باش يكلفوا شكون فيهم باش يحصل فالحرث والزرع إلليَ فالآخر ما يرجعش عليهم بفايدة كبيرة...وما ينالو كان الشقا والتعب لكن ملي الأمور تنفنفت ولو يتخابطو عالأراضي .... هذا يحب على بايه و هذا يطالب بالورثة... و كثر النهب والغمان والقدمان والكتمان .....و اش يشبع الجيعان....و زيد بدت المشاكل مع عمك الطاهر التاجر و إللي سلَم بكري اراضيه وتولهى بالتجارة... عمك الطاهر ملي شاف إلي الجماعة أمورهم تنفنفت, و هو قعد عالتوش, خرج الكراسة و بدى يطالب بالكريدي القديم و بدى العرك والبونطوات خاصة ً كيف طلعتلو فكرة و قاللهم : اسمعوني إللي يحب يتصنت للراديون ما عليه كان يدفع الفلوس ... الضو موش بلاشبالبونطو مشى عمك علي شيخ لبلاد وامامهم ، للمدينة و شرى راديو خاص حطَه في الدار. و بدت حلومة, مرت علي, تغزل فالجيران بالراديو بالبيلات إللي عندهم..... جمعة أخرى البلاد الكل ولاَ عندهم راديون في الدار...عمك عزدين كبير الفلاحة ما راقاتلاش الحكاية و هو يكسب شطر البلاد ...لامحاله اللي كسبه الكل بالقلبة والسرقة والتلوعيب, صحيح, أما يبقى ديمة كاسب برشة أراضي ... عاد قلتلكم إلليَ عمك عزدين ما حملش يكون كيفه كيف الفلاحة الاخرين. طلع للمدينة و روح بتلفزة بالألوان. و خلي يغزل إللي يغزل ..يرجع علمنا وخبرنا لعمك فرج ...خالتك فطومة, مرت عمك فرج, بدت تزنله تحت راسه.., في إشريلنا تلفزة و ياناري على قهرتي مانيش كيف أندادي و ياناري على سعدي المكبوب, نغصتله عيشته حتى لين ركح و شرالها التلفزة بش تخطاه....عمك فرج هو الوحيد في البلاد إللي حياته ما تبدلتش قبل و بعد الدكتور حكيم, يقوم كل صباح مع الفجر يفلَح, يروح يتعشًى مع المغرب ويرقد مع مريته.... كل نهار ثلاثاء و سبت يمشي للمدينة يبيع سلعته....هاذيكه هي المادية ....آما أهل بير سيدي غادكينة الكلهم تبدلوا, و بدى الحك والدك بيناتهم و بدت النساء تتعاند في كل شي مالحجامة للماكينات الجديدة إلي شروها ...و بدو مع كل روبة جديدة ينقصوا صانتي في الطول يتشبهو بمذيعات التلفزة الوطنية...حتى لين جي البارابول ....!ه وقتلي جي البارابول, يا جماعة, ....مالاول أهل بير سيدي غادكينة كانوا يعاندوا فالقوَرة ...في لبسهم :الفونت والجال والديكولتي وماكينات حجامة بثلاثة لامات و غيره وغيره..... من بعد الرواما بدو يمساطو..... و بحكم إللي في البلاد ما فما حتى واحد لا يقرأ و لا يكتب لا عربي و لا سوري و لا غيره..... فيسع فدَوا من هاك التصاوير ياخي دوروها لبناني و سوري ... تؤبرني حبيبي .... تكرم عينك ... مهضوم كتير و بداو الجماعة يتعاندوا شكون يطيب أحسن تبوله و شكون يشري كاسات نانسي الأول... لكن فيسع ما قلقو على خاطر ما لقوش برشة حاجات يتعاندوا عليها.... حتى لين ظهرت القنوات السعودية وبدت تطلع في البورصة و بدت الجماعة الكل تتفرج في بيت ربي و يتعاندوا هاو أنا البارح سبحت خمسة آلاف مرة و أنا صليت مئة ركعة و بداو روب النساء يعاودوا يطوالو و سراويل الرجال تقصار....نهار عمك فرج ماشي يفلَح يعرضوه عمك علي و عمك عزدين, الزوز مربيين لحي كان يعثروا فيهم يطيحوا .... قربوا منه وبدو ينصحوفيه و يقولوله إلي يلزمه يصلي صلواته حاضر في الجامع و لازمه زادا يشمر سرواله ويحلق الشارب ويعفي على اللحية على سنة السلف الصالح , قللهم أما سلاف واما صالح ...تولهو بحوايجكم ... و ذكرهم إلي حياته كاملة يصلي واللي هما عندهم شهر ملي بدو ايصلو... و سبحان ربي مغير الأحوال ...ولو عمك علي و عمك عزدين لا خدمة و لا صنعة كان نهار و طوله يعسوا عالعباد و يوجهوا فيهم.... عمك فرج فد منهم ...و ولو الجماعة وين يقربوه باش يهدوه للإسلام يذكرهم بكل اللي عملوه من موبقات و يطالبهم بش يرجعوا الرزق الي غموا عليه لأماليه وبدي يتمسخر عليهم وما يناديلهم كان يا حاج قلاب .. يا حاج سارق..تغششو الجماعة من كلام عمك فرج ودوروها عليه وكفروه قالوا قدام الناس الكل ,شكون يتهامز بالالقاب كان الكفار إللي كيفما فرج.... زادت الشيخة حلَومة مرت عمك علي وهي زعمة زعمة عرافة وعندها قيمة كبيرة في بلاد سيدي غاديكينه قالت إللي شافت سيدي النبي في الحلم وقاللها قولو للرجال ما عادش تضربو نساكم و سبق اللي خالتك فطومة مرت عمك فرج شكاتلها منه اللي هو يضرب فيها خبرت راجلها ....عمك علي لقاها حجة وجمع رجال القرية الكل واقنعهم اللي فرج كافر مادام يعصي في ربي والنبي ...موش سبحانه قاللكم في كنابه الكريم " ولا تنابزوا بالالقاب "...موش قاللكم " ولا تضربوهن "....اش رايكم اسيدي في سي فرج اللي ينبز في اني وسي عزالدين ويعيطلنا الحاج قلاب والحاج سارق والنهار الكل وهو يضرب في مرته ... صاحو الحاضرين الكل " كافر " " كافر "وزيد تفرجو في واحدة من قنوات الافتاء السعودية على شيخ قال اللي حرام مجالسة الكافر والقرب منه والتعامل معاه... وشاع الخبر في بلاد بير سيدي غاديكينه الكل .... اش قالك واش قلتلك, شيخ كبير سعودي جبد على عمك فرج و قالك إلي هو كافرمنزوس و حرام نقربوه والا نكلموه والا نقعدو معاه. عمك فرج يخدم على رويحته في فلاحته كي العادة المغرب جي مروح للدار, إللي يقربله بش يكلمه يهرب من قدامه ويطلق ساقيه للريح. ما فهم شي عمك فرج علاه إللي يقربله يهرب. روح للدار,يلقاها مسكرة , يا مرا يا مرا وينك حل الباب ؟ جاوباته من وراء الباب إللي راهي ماهيش باش تحله وكانك على العشاء هوينه خرجتهولك البرة مغطي فوق الدكانة .. حاول معاها ..صاح ..ضرب الباب قريب يكسره ...طفاته ..لا حياة لمن تنادي . ما فهمش علاش فالشتاء الشاتي خرجتله ماكلته البرة لكن سكت و تعشى و رقد البره في البرد عالدكانه ....من طول عليكم حديث ولات حياة عمك فرج جحيم... وهو يتلاوح البرة مرة بايت قدام الجامع ..مرة في الغابة ..مرة على الدكانة قدام داره و الناس الكل هاربة منه و حاقرينه.. و كل يوم يتعدى كل ما تصحاح رقعة أهل البلاد.... و ولاَو جماعة يقولوله "شر" كيف يشوفوه و جماعة تبزق كيف يتعدَى و فما شكون كيف يقربله يكرَده بالحجر.... كمَل عمتك فطومة مرته هزَت روحها لدار خوها ...حمد ربي على الاقل يرجع لدويرته ويلقى وين يكن .. كليمة من هنا و كليمة من غادي بدي عمك فرج يفهم الحكاية...ضرب خماسه في سداسه و قرَر باش يقلب الطرح ... ماهو هو كافرو ما يحبوش يقربوه ؟ خليهم يعملوا مجهود بش ما يقربوهش..... قام الصباح بكري و شد في وسط البلاد. إللي يخرج من داره يجري في جرته و يلصقه حتى لين ولت البلاد الكل تلعب في الشدة والغميضه... إللي يخرج ما يخرج كان مرعوب و كان ما يجريش مليح ينقز عليه المنزوس فرج و ترصيله يغسل سبعة مرات ...تعبوا أهل بير سيدي غاديكينا من الجري و اللهيط و الهربة و التخبية أيا لموا رواحهم و على راسهم شيخهم وامامهم عمك علي و عمك عزدين و الشيخة صلوحة و بداو يتناقشوا ...تقوم الشيخة صلوحة و تقوللهم اللي ربي امرنا نحاربوا الكفار و اللي الكافر المنزوس فرج ما خلى حتى موْمن رايض لا راجل لا مرأة ....وفي اخر الاجتماع أصدروا فتوى في المنزوس حكمها رجمه بالحجر حتى يموت. ونبهو على أهل البلاد اللي الحكاية ما يلزمش تخرج من بيناتهم بش ما يسمعش الحاكم ....تلموا أهل البلاد على عم فرج كتفوه و حطوه وسطهم و بدى الحجر يهبط عليه كيف المطر و بدات دماياته تتهاطل و عضامه تتدشدش طروف طروف حتى لين مات ...زيد ما حبوش يدفنوه مع المسلمين كلفوا واحد منهم باش يحفر حفرة بعيد عالبلاد و يرميه فيها....و تعدات الحكاية و رجعوا أهل بير سيدي غاديكينا لحياتهم العادية, حياة الحك و الدك و العناد و نسو فرج المنزوس ....حتى جي موسم زرع نبتة السلاء .. تذكروا وقتها اللي في العادة عمك فرج هو اللي يزرع السلاء في البلاد الكل على خاطر زرع السلاء فيه حكمة توارثوها على جدودهم بعض عايلات البلاد و كان عمك فرج الوحيد اللي كسر مخه بش يتعلم هالعلم على جده ... و هكاكة زرعوا أهل البلاد كل واحد على زي راسه و ما حصدوا حتى شي و ماتت نبتة السلاء مع عم فرج و رجعوا أهل بلاد سيدي غاديكينه للميزيرية...و كلامنا قياس و نشاله ربي يبعَد علينا الباس و نصلو ونسلمو على سيدنا محمد سيد الخلق و الناس